Tuesday, November 6, 2012

المشير عامر ... قصة لن تنتهي

 لا اعرفه, و لكني دون غيري قررت التعرف عليه.. لم اكن اتخيل يوما اني سأغرم به الي هذا الحد و لكني بحثت في شخصيته و تفاصيل حياته المثيرة للجدل حتي وفاته الاكثر جدلا و هو ما أثر في نفسي و شدّني اليه هكذا. لا اظهر حقائق هنا و لا اكذّب ظواهر و لكنه بحثا في التاريخ لتخليد ذكراه.. هل هو اعجاب بشخصية؟ هل هو تعاطف مع مظلوم؟ حقيقة لا اعلم .

 سمعت عنه و قرأت و تعلمت, فهو العمدة وراثةَ و القائد شخصيةَ و المشير منصبا, هو محمد عبد الحكيم علي عامر. احد ابرز الظباط الاحرار الذين قاموا بثورة 1952 و اكثرهم تأثيرا و تأثرا, و قد اصبح فيما بعد القائد العام للقوات المسلحة و نائب رئيس الجمهورية. و لد عامر في 11 ديسمبر سنة 1920 بقرية اسطال بالمنيا و التحق بالكلية الحربية عام 1937 و هناك تعرف علي صديق عمره الوحيد جمال عبد الناصر الذي ظل عامر يثنيه عن نفسه حتي اخر ايام حياته. 

كان عامر خفيف الظل معسول الكلام, شهما  يقف الي جانب اخوانه و اصحابه في المواقف الصعبة, محبا للناس و مقبلا علي الحياة في بهجة و فرح و كان محبوبا في الجيش و ذا سيط واسع, فكان يتعامل مع ضباطه علي اساس الاخ الاكبر او العمدة و كان يشملهم بالرعاية و يرفع قيمتهم و يرد لهم كرامتهم اذا اهانت. اخذ عامر يتنقل من بين المناصب دون ترك منصبه الاساسي في القوات المسلحة و التي اصبحت صفة تنتسب اليه الي الان اذا نطقت مجردة ما لم يذكر بعدها اسما, فاصبح الرجل الثاني في الدولة فكان يرأس الكثير من القطاعات و تدخلت القوات المسلحة في كل شئون الدولة.  تعد الفترة التي عاش فيها عامر من اسوأ مراحل تاريخ مصر و خاصة منذ ان اصبح مشيرا, فدخلت مصر في تلك المرحلة عدة حروب و كان من الطبيعي ان يتحمل عامر المسؤولية وحده بحكم منصبه و لم يلتفت التاريخ لكيفية اتخاذ القرارات في ذلك الوقت و ما كان يدور خلف الكواليس من اسرار و اغراض لأخرين لهم اهداف اخري ادت لتلك الحروب. استقال عامر مرتين لعدم رضاه علي كثير من الاشياء و لكنه عاد بعد ذلك.

 كانت العلاقة بين المشير و صديق عمره الرئيس من اقوي و اعظم ما يمكن و لكن بعد تدخل المغرضون و من ليس لهم مصالح في تلك العلاقة , اصبحت صداقتهم في وضع الانهيار و انقسمت النفوس و انقسمت الجماعات و انصار الفريقين. مرّت السنون و ازدادت الجروح و تغيرت النفوس الي ان جاءت النهاية بحرب 1967 و التي لم تكن مصر في ادني استعداد لها.

 انتُهِزت الفرصة و تدبرت الامور لالقاء المسؤولية علي عاتقه و انه وحده المسؤول عن الهزيمة و عن انهيار حلم الوحدة العربية. كان عام 1967 اكثر الاعوام حزنا في تاريخ مصر الحديث و لكن شيئاََ لا يساوي حزن ذلك الرجل صاحب تلك المأساة الاغريقية, خرج من قريته الصغيرة في صعيد مصر, ليصل الي اعلي مراتب الحكم, فيقوده قدره الي تلك النهاية الحزينة ففقد المجد و السُلطة بعد ان كانت كلها بين يديه و سلب كل وسائل الدفاع عن نفسه امام مصر و العالم و تم تحديد اقامته في منزله, و في تلك الاثناء و قبل وفاته بأيام كتب عامر في وصيته انه واثق من ان هناك مؤامرة تدبر ضده, و " توفي" 14 سبتمبر عام 1967.

لم ينتهي الظلم الي هذا الحد و اُريد للتاريخ ان تُساء ذكراه فاغتيل الرجل في شخصيته و سمعته علي ان نعتقد انه انهي حياته بيده. بقيت صوره و نياشينه و لكن ذكراه من بعد عام 1967 محيت تماما بفعل فاعل. رحم الله المشير عامر,عاشت ذكراه في القلوب طاهرة لا تُمحي والاحداث مستمرة و القضية لم تنتهي بعد.


https://www.facebook.com/Marshal.Amer


نشرت في مجلة كلمتنا, سبتمبر 2011

No comments:

Post a Comment

Follow me!

Ratings and Recommendations by outbrain