نشأنا دينيا و
اجتماعيا علي بر الوالدين و احترامهم و تقديرهم. وصي بهما سيدنا محمد (عليه الصلاة
و السلام) و ذكرهم ربنا عز وجل في القرأن الكريم "ووصينا الانسان بوالديه",
و ان طاعتهم مطلقة عدا الشرك بالله, و من ثم كانت طاعتهم و رضاهم واجب مقدس لا جدال
فيه.
تربينا علي ذلك و
بالرغم من فروق الطاعة و التشديد في الوصايه علي الام عن الاب, فمكانتهم و رضاهم
معا من رضا ربنا علينا. فقدان احدهما او كلاهما, هو نقطة بدايه جديدة لحياه مثل
موج البحر الغدار مليئة بالدوامات و لا مرسي لها يعيش فيها الانسان وحيدا تائها
يمور كالسحاب, يبحث عن ملجأ يأويه و عن ظهر يستند و يحتمي فيه.
الطاعة, للبناء و
الارتباط بالجذور و الاصل و ليست لهدم حياه او هدر احلام و التأقلم علي حياه تعيسة
ليس فيها ما اخترناه و ليس فيها ما قررناه, و لكنها كانت "شماعة الطاعة"
كأي شماعة اخري نعلق عليها ضعفنا اوصلتنا الي ما نحن فيه.
اما عن البرّ, هل علي
الاب و الام برّ اولادهما كما يبرّوهم؟, ام هو واجب علي الابناء فقط؟, فهل هو واجب
مشترك ما بين الجانبين؟ , و ان كان كذلك, ما صفات ذلك البرّ؟ .. ماذا علي الاباء و
الامهات تجاه اولادهم؟
اختلفت الظروف و
الاحوال و اختلفت وجهات النظر و اساليب التربية, اختلفت العقليات و نقاط
الاهتمام.. بماذا يكون هؤلاء قصّروا في حق ابنائهم؟ و و كيف لم يقصّر اؤلئك؟
هل هي مقاييس اخلاقية
ام دينية ام اجتماعية؟ .. هل هي شدة و تعصب التربية؟ ام رخاء و دلل المعامله؟
عند نقطة معينة, يعين
علي الابناء شق طريقهم وحدهم و بدايه حياه جديدة يرسموها بطريقتهم من حيث انتهي
ابواهم عند اقصي مقدرتهم.. و ان كانت امكانياتهم المادية و الفكرية توقفت عند اقصي
حد استطاعه الاباء, فهل من ملامة عليهم؟؟
Retrieved from: http://i.ytimg.com/vi/9dDVyJUIXwY/hqdefault.jpg |
لكن, و للأسف, لاشك في
وجود من هم قصّروا في حق ابنائهم و لم يكرموهم و لم يبرّوهم حق البرّ. شكّلوا فيهم
اسلوب حياه لم يختره الابناء بأنفسهم, و لكن ظروف الغضب و الاحتياج و النقصان و
فقد الاحاسيس هي التي جعلتهم كما هم عليه الأن.
ما الذي جعل بعض
الابناء يعوق والديه؟ .. ما الدافع للتمرد و العصيان؟؟
لماذا يغضب بعض الابناء علي والديهم؟ , و لماذا
يدعي لهم اخرين؟ هل هي مشكلة تواصل؟, ام تذمُّت و عِند احد الاطراف؟ .. هل دائما
الولاد علي حق؟ ام دائما الوالدين علي حق؟
و ان كان القول "الاب
اللي ربي , مش الاب اللي خلف", هل المشكلة في قدرة الخِلفة دون حق و مسؤولية
التربية؟
ربنا يسامح كل اب و ام
قصّروا في حق اولادهم, و لم يفنوا في تربيتهم و لم يُنشِئوهم علي الدين و الاحترام
و الواجب و لم يدّخروا جهدا في تعليمهم – ان كان في دراسة او في حق الحياه و واجب
المعايشة و التعايش و انكار الذات و الانتماء – و تركوا فيهم الانانية و عدم
الالتزام و قلة الضمير, و لم ينمّوا فيهم الاخلاق و الاهتمام بالنفس.كانت النتيجة
ان جعلوا منهم ازواج لا يبرّون بزوجاتهم و زوجات لا تطع ازواجها, امهات تفتقد
التربية و اساسها حتي يربّوا اجيال لاحقة و اباء لا يحبون اولادهم - لأنهم غصبوا
علي زواج امهاتهم- و تظل المشاكل النفسية و العُقَد تتناوب بين الاجيال تباعا, حتي
يأتي جيل ممن رحمهم الله يغيروا القاعدة و يبنوا صرح الفضيلة و الحب و الاسرة
الكريمة.
ربنا يهدي كل ابناء
علي ابائهم و ينوّر بصيرتهم و يصلح احوالهم حتي يتسني لهم الخيط الابيض من الاسوَد.
ربنا يهدي كل اب و ام لعمل الاصلح لأولادهم مما يناسب حياة الاولاد, و ان تعارض مع
غرورهم و غطرستهم و تشبُثهم بصورة رسموها لحياه اشخاص اخرين – حتي و ان كانوا
اولادهم – و اجبارهم علي خوض حياهٍ وَحدهم لا ناقةٍ لهم فيها و لا جَمَل, و
يتسائلون في حيرةٍ عن الهمّ اللي اصاب اولادهم و حياتهم التعيسة.
No comments:
Post a Comment