Wednesday, June 10, 2015

برّ الوِلْدَان


نشأنا دينيا و اجتماعيا علي بر الوالدين و احترامهم و تقديرهم. وصي بهما سيدنا محمد (عليه الصلاة و السلام) و ذكرهم ربنا عز وجل في القرأن الكريم "ووصينا الانسان بوالديه", و ان طاعتهم مطلقة عدا الشرك بالله, و من ثم كانت طاعتهم و رضاهم واجب مقدس لا جدال فيه.

تربينا علي ذلك و بالرغم من فروق الطاعة و التشديد في الوصايه علي الام عن الاب, فمكانتهم و رضاهم معا من رضا ربنا علينا. فقدان احدهما او كلاهما, هو نقطة بدايه جديدة لحياه مثل موج البحر الغدار مليئة بالدوامات و لا مرسي لها يعيش فيها الانسان وحيدا تائها يمور كالسحاب, يبحث عن ملجأ يأويه و عن ظهر يستند و يحتمي فيه.

الطاعة, للبناء و الارتباط بالجذور و الاصل و ليست لهدم حياه او هدر احلام و التأقلم علي حياه تعيسة ليس فيها ما اخترناه و ليس فيها ما قررناه, و لكنها كانت "شماعة الطاعة" كأي شماعة اخري نعلق عليها ضعفنا اوصلتنا الي ما نحن فيه.

اما عن البرّ, هل علي الاب و الام برّ اولادهما كما يبرّوهم؟, ام هو واجب علي الابناء فقط؟, فهل هو واجب مشترك ما بين الجانبين؟ , و ان كان كذلك, ما صفات ذلك البرّ؟ .. ماذا علي الاباء و الامهات تجاه اولادهم؟

اختلفت الظروف و الاحوال و اختلفت وجهات النظر و اساليب التربية, اختلفت العقليات و نقاط الاهتمام.. بماذا يكون هؤلاء قصّروا في حق ابنائهم؟ و و كيف لم يقصّر اؤلئك؟

هل هي مقاييس اخلاقية ام دينية ام اجتماعية؟ .. هل هي شدة و تعصب التربية؟ ام رخاء و دلل المعامله؟

عند نقطة معينة, يعين علي الابناء شق طريقهم وحدهم و بدايه حياه جديدة يرسموها بطريقتهم من حيث انتهي ابواهم عند اقصي مقدرتهم.. و ان كانت امكانياتهم المادية و الفكرية توقفت عند اقصي حد استطاعه الاباء, فهل من ملامة عليهم؟؟

Retrieved from: http://i.ytimg.com/vi/9dDVyJUIXwY/hqdefault.jpg

لكن, و للأسف, لاشك في وجود من هم قصّروا في حق ابنائهم و لم يكرموهم و لم يبرّوهم حق البرّ. شكّلوا فيهم اسلوب حياه لم يختره الابناء بأنفسهم, و لكن ظروف الغضب و الاحتياج و النقصان و فقد الاحاسيس هي التي جعلتهم كما هم عليه الأن.

ما الذي جعل بعض الابناء يعوق والديه؟ .. ما الدافع للتمرد و العصيان؟؟

   لماذا يغضب بعض الابناء علي والديهم؟ , و لماذا يدعي لهم اخرين؟ هل هي مشكلة تواصل؟, ام تذمُّت و عِند احد الاطراف؟ .. هل دائما الولاد علي حق؟ ام دائما الوالدين علي حق؟

و ان كان القول "الاب اللي ربي , مش الاب اللي خلف", هل المشكلة في قدرة الخِلفة دون حق و مسؤولية التربية؟

ربنا يسامح كل اب و ام قصّروا في حق اولادهم, و لم يفنوا في تربيتهم و لم يُنشِئوهم علي الدين و الاحترام و الواجب و لم يدّخروا جهدا في تعليمهم – ان كان في دراسة او في حق الحياه و واجب المعايشة و التعايش و انكار الذات و الانتماء – و تركوا فيهم الانانية و عدم الالتزام و قلة الضمير, و لم ينمّوا فيهم الاخلاق و الاهتمام بالنفس.كانت النتيجة ان جعلوا منهم ازواج لا يبرّون بزوجاتهم و زوجات لا تطع ازواجها, امهات تفتقد التربية و اساسها حتي يربّوا اجيال لاحقة و اباء لا يحبون اولادهم - لأنهم غصبوا علي زواج امهاتهم- و تظل المشاكل النفسية و العُقَد تتناوب بين الاجيال تباعا, حتي يأتي جيل ممن رحمهم الله يغيروا القاعدة و يبنوا صرح الفضيلة و الحب و الاسرة الكريمة.

ربنا يهدي كل ابناء علي ابائهم و ينوّر بصيرتهم و يصلح احوالهم حتي يتسني لهم الخيط الابيض من الاسوَد. ربنا يهدي كل اب و ام لعمل الاصلح لأولادهم مما يناسب حياة الاولاد, و ان تعارض مع غرورهم و غطرستهم و تشبُثهم بصورة رسموها لحياه اشخاص اخرين – حتي و ان كانوا اولادهم – و اجبارهم علي خوض حياهٍ وَحدهم لا ناقةٍ لهم فيها و لا جَمَل, و يتسائلون في حيرةٍ عن الهمّ اللي اصاب اولادهم و حياتهم التعيسة.

No comments:

Post a Comment

Follow me!

Ratings and Recommendations by outbrain