Saturday, July 19, 2014

صاحبة الرسالة


مرت سنين كثيرة منذ اخر لقاءً لنا و لا اظنني أتعرف علي ملامحها بسهولة ان تلاقينا مجددا, فلا اذكر منهما الا ما رأيته حينها و الذي تغير كله منذ وقتها. مازالت في خيالي قمحاوية البشرة, ذات الشعر البني الداكن, رفيعة القوام, خفيفة الظل, قصيرة الطول, و عفوية اللسان, اما الله وحده اعلم بما هي عليه الان.

انني علي يقين انها لن تتذكرني ايضا, فقد تغير مني الكثير الذي يجعلني اتأمل صوري القديمة و اتعجب من تغير الزمن. لا اظن ذكرياتها معي تجعلها تتذكرني, لو انها تذكرتني في داخلها فلن تعترف بذلك و ستتناساني مثل اي من كان في مكانها.

لعل ما حفزني لسرد حكايتها هم اخر لقائين بيننا. قبل ذلك كنا علي صداقة جميلة, نهزر و نلعب و يستفز كل منا الاخر, كنا نتنافس في الدراسة و نتسابق في المذاكرة و الامتحانات.

فمن هي اذن؟ هي صاحبة الرسالة التي تمنيت ان أرُد عليها يوماً و لكنني لم افعل مطلقاً...



كان ذلك اليوم الذي كنا نجتمع فيه سوياً للمراجعة قبل امتحانات اخر العام و كان معنا اشخاص اخرين و مر الوقت كأي وقت اخر نتجمع فيه, اللا ان الاختلاف يومها حينما صادف ان بقينا وحدنا عدة دقائق و كانت هي مستعدة لتلك اللحظة, قامت مسرعة نحوي لتضع في جيبي رسالة في ظرف مغلق مكتوب علي ظهره "اقرأها حين تكون وحدك"..

مازلت اذكر رد فعلي وقتها, توترت كثيرا و التفيت حولي جانبا و اعلي في خجل و نظرت لها صامتا بملامح متعجبه, فنظرت لي بابتسامة صافية هادئة كانت كافيه لاطمئناني و تهدئة فضولي حتي اكون وحدي لفتح الرسالة.

كان ذلك عندما عدت لمنزلي و جلست وحدي اقرأ رسالتي و ادهشني محتواها الذي جعلني ابتسم كثيرا و لا اجد ما انطق به. اشيد باعجابي بجرأتها هنا و التي لم اكن امتلك مثلها حينها, فشرحت لي فيها اعجابها بي و انجذابها نحوي و طلبها او نكون اكثر من مجرد اصدقاء لأن مشاعرها نحوي تعدت ما بين الاصدقاء.

قالت لي ما اردت دوما قوله لها, وقامت بما كان علي ان اقوم به حينها و تفوقت عليّ في ذلك و سعدت به. كتبت ردّي لها و شرحت مشاعري تجاهها و اكدت لها انني اشاركها ايضا المشاعر نفسها, ولأنه اول موقف في حياتي اتعرض له فلم اعرف ماذا افعل بعدها..

فعلت ما عليّ فعله و كتبت ما كتبت و اغلقت ظرفي باحكام حتي لا ينكشف امري و ظللت محتفظا بجوابي و الايام تمُرّ و الامتحانات يوما بعد يوم تشغلني و اؤجل مهمتي ليوم اخر, حتي جاء اخر يوم و انا في طريقي للامتحان لأكتشف انني نسيت ان احضر ما أجّلته كثيرا و انها كانت اخر فرصه لي لأقول ان اردت ان اقول شيئا.

قابلتها في اخر اليوم و اردت ان اكلمها و لكن الاوان قد فات في نظرها و الرد وصل لها في تفكيرها و ظنّت انّي لم ارغب في الرد عليها و لا اريد اكثر من صداقة بيننا. نظرت لها في شوق و ضعف و اسف و بادلتني نظرة المخذول في حقه و هزّت رأسها في حزن و اسف و انصرفت.

بقيت صاحبة الرسالة حيه في ذهني و فكري الي يومنا هذا, بالرغم من كل ما حدث اللا انها احد اهم المحطات في حياتي من دروس الدنيا القاسية التي تعلم الدرس بعد الامتحان, و تعلمت من وقتها اهم درس "ان خفت فلا تقل, و ان قلت فلا تخف". تلك هي دروس الحياة, اما مكاسب او خبرة نكتسبها و نتعلم منها و ان الندم لن ينفع و لا يعوض ما تسببنا فيه من افعالنا..

No comments:

Post a Comment

Follow me!

Ratings and Recommendations by outbrain